بعد يوم عملٍ شاق، يكون كل ما نتمناه هو الراحة، والحصول على نومٍ هادئ. نتمنى أن نوقف سيل الأفكار الهادر من أدمغتنا، لكن لا يتمكن كثير منا من ذلك. نعاني من الأرق، في ظل ما نمر به من مشكلاتٍ ومخاوف من الغد ومن الظروف الاقتصادية العالمية وتأثيرها علينا. نتذكر ونتحسر على أيام طفولتنا. حين كنا نغط في نومٍ عميقٍ بعد سماع قصص قبل النوم.
كانت عقولنا تسترخي وتتهيأ للنوم مع عبارة «كان ياما كان في قديم الزمان…»، لكن شتان بين اليوم والبارحة. فإذا كنتم تعانون من الأرق واضطرابات النوم، وتحنون إلى النوم الهادئ، فربما تجدون الحل في السطور القادمة.
كيف يمكننا مواجهة الأرق بقصص النوم؟
هناك علاقة وثيقة بين النوم والصحة العقلية، لذلك نحتاج جميعًا إلى النوم، لكن الكثير منا يعاني من مشاكل في ذلك. بالطبع يمكن علاج الأرق وقلة النوم بطرقٍ مختلفة، مثل العلاج السلوكي المعرفي، والأدوية. ولتجنب الأرق، يَنصح المختصون النفسيون بضرورة اتباع عادات النوم الصحية وهو ما يعرف بـ«روتين ما قبل النوم» أو «نظافة النوم». ومن بين تلك العادات، الاستماع إلى قصص النوم.
في كتاب «الإبحار في الأرق»، تذكر «ليندسي براوننج»، الطبيبة النفسية والزميل المشارك في الجمعية البريطانية لعلم النفس، أن الاستماع إلى قصص النوم على التطبيقات الصوتية عادة مفيدة، خاصةً إذا كنا نعاني من الأرق. وترى أنها تعمل على تشتيت انتباه عقولنا المشغولة على المدى القصير. كما تمنحنا شيئًا لنفكر فيه بدلًا عن المواضيع التي تدور في أذهاننا.
ماذا تعرف عن قصص النوم؟
هي تحتوي على القليل من المحتوى. تتكون عادةً من أصواتٍ مهدئة كالأمواج والشلالات، وتصف مشهدًا لطيفًا لتهدئتنا ونحن نغفو. فهي تُكتَب بشكلٍ متعمد لتكون غير ممتعة وغير جذابة قدر الإمكان، حتى لا نحاول البقاء مستيقظين للاستماع إليها. كل مهمتها أن تدخلنا إلى عالم الأحلام، لننعم بنومٍ هادئ.
يشير كتَّاب قصص النوم، إلى أنهم يسردون قصصًا بسيطة للغاية تركز على الوصف المرئي الخصب. يزور البطل مكانًا سحريًا، فينتقل المُستمع إليه من خلال الوصف الحسي الغني لتجربة البطل. كما تدمج تقنيات وعناصر اليقظة الذهنية إلى قصة قبل النوم بطريقةٍ مدروسة.
تساعد عناصر اليقظة الذهنية وتمارين التأمل مثل التنفس وتقنيات الاسترخاء، على إبعاد المستمع عن أفكاره مفرطة النشاط. كما أن الوعي بالجسم والانغماس في اللحظة الحالية، يساعدان في تهدئة العقل واسترخاء الجسم.
يذكر المؤرخ يوفال نوح هراري، في كتابه «العاقل» أن سرد القصص كان وسيلة للبقاء وتبادل الخبرات بين الأجيال. ولعبت دورًا أساسيًا في قدرة البشر على التنقل في البيئات الاجتماعية الصعبة طوال فترة تطورنا. وكما كانت القصص سببًا في بقاء البشر، ووسيلة مفضلة لعقولنا للتعاطي مع تفاصيل الحياة. كذلك تعتبر قصص النوم طريقة ملائمة لطبيعة عقولنا في التعامل مع صعوبات النوم في العصر الحالي.
لم تعد تلك القصص مخصصة للأطفال فحسب، بل أصبحت الآن جزءًا أساسيًا من اهتمامات الكبار. إذ يفتشون في محركات البحث عنها بشكل مستمر. فهناك سبب يجعل الكبار ينجذبون إليها. يتجاوز ذلك فكرة الحنين إلى الماضي، فما السر وراء ذلك؟
ماذا يحدث في جسدك عند الاستماع للقصص؟
كما أن تشغيل قصص النوم، يساعدنا في إراحة عقولنا. ذلك لأن التأمل المهدئ ينشط جذع الدماغ والقشرة السمعية. نتيجةً لذلك، تطلق الدماغ مادة كيميائية تسمى «الأوكسيتوسين»، المعروفة باسم «هرمون الحب»، وغالبًا ما ترتبط بالتعاطف والثقة وبناء العلاقات.
وفقًا لـ«ميديكال نيوز توداي»، تظهر الدراسات أن «الأوكسيتوسين» يمكن أن يقلل من التوتر والقلق. ويمكن أن تساعد أصوات الطبيعة المريحة أو الموسيقى أو الضوضاء البيضاء في إغراق أصوات التفكير غير المرغوب فيها، مما يجعل قصص النوم التأملية مثالية للاسترخاء.
دراسات: فاعلية القصص في الحصول على نومٍ جيد
في عام 2015، نُشرت دراسة لتجربةٍ أُجريت على كبار السن الذين يعانون من اضطراب النوم. اختبرت فعالية ما يسمى بقصص النوم التي تستخدم تأملات اليقظة، لتعزيز جودة النوم لدى كبار السن. وأظهرت النتائج أن تأثيرها إيجابيًا على تحسين جودة النوم وتقليل إرهاق النهار المرتبط بقلة النوم. كما عملت على تقليل أعراض الأرق والاكتئاب والقلق والتوتر.
وأثبتت تجربة سريرية أن الاستماع إلى أصوات الطبيعة التي تحتويها قصص النوم، يساعد في تقليل الاستيقاظ ليلًا. كما يحسِّن جودة النوم، ويقلل الوقت الذي يستغرقه الأشخاص للدخول في النوم.
واختبر بعض الأطباء والباحثين النفسيين، قصص النوم المصممة خصيصًا للمساعدة على النوم في أحد تطبيقات الهواتف الذكية. كانت تتضمن موسيقى تصويرية ومقاطع صوتية مريحة ومحتوى يهدف إلى تحسين الجو المحيط بالنوم. أشارت نتائج دراستهم إلى أن قصص النوم تساهم في تحسين جودة النوم وتقليل التعب في اليوم التالي.
قصص النوم للأطفال كوسيلة للنمو والتطور
بالنظر إلى العمليات النفسية والبيولوجية التي تحدث أثناء وبعد الاستماع إلى قصة، أجريت دراسة على أطفال في العناية المركزة بإحدى المستشفيات. أدت جلسة واحدة لسماع قصص النوم إلى زيادة «الأوكسيتوسين». كما أدت لانخفاض هرمون التوتر الرئيسي في الجسم «الكورتيزول»، وتقليل الألم. فضلًا عن التحولات العاطفية الإيجابية لدى الأطفال.
وفي بحثٍ عن تأثير القصص الصوتية على الأعمار الصغيرة، نشرته المجلة الأوروبية لدراسات اللغة والأدب. تظهر الأبحاث أن قصص النوم تؤثر على مشاعر الأطفال العميقة، وتساعدهم في اتخاذ قراراتٍ صعبة. كما يدركون الاختلافات بين الخير والشر، ويكتسبون مهارة الاستماع، والمساعدة في تعلم اللغة الأم أو لغة ثانية، وأكثر من ذلك.
نشرت مجلة «سايكولوجيكال ساينس» تقريرًا عن باحثين درسوا المحتوى اللغوي للقصص التي تروى للأطفال. اتضح أن سماع قصص النوم مصدرًا مهمًا للمدخلات اللغوية للعديد من الأطفال. سماع القصص يضخم من الحصيلة اللغوية لديهم أكثر من مجرد التحدث بها. تساعد قصص النوم في تعريض عقل طفلك لأفكارٍ ومفاهيم جديدة، مثل: الحيوانات والأطعمة والأماكن المختلفة وغير ذلك.
قصص النوم للكبار كسلاح لمواجهة الحياة
تهدف قصص النوم إلى إعادتنا لحالة ذهنية أبسط. تسمح لعقولنا بالاسترخاء والاستعداد لراحةٍ عميقة. تمامًا كما كان يحدث معنا عندما كنا في الصغر.
يَعتقد بعض الأطباء أن الجسم يمكن أن يتأثر بقصص النوم. ترى «بوجا أوبال»، طبيبة طب الأسرة في ميشيغان، أنها قد تساعد في تحفيز الجهاز السمبثاوي، وتقليل القلق، وتقليل معدل ضربات القلب، وخفض ضغط الدم. كل ذلك يساعدنا على النوم في النهاية.
النوم الجيد ليلًا ضروري لصحتنا النفسية والجسدية، ولكن في حياتنا المزدحمة غالبًا ما تكون جودة النوم سيئة ويتم تجاهلها. لذا، علينا التوقف قليلًا والعثور على العزاء في عوالمٍ أخرى داخل القصص. بداخل قصص النوم كل شيءٍ على ما يرام، فالاسترخاء على بُعد دقائقٍ معدودة من بدء القصة. هناك حيث توجد أرض الأحلام.. مكان السكون اللانهائي. المكان الذي نشحن فيه طاقتنا لمجابهة الغد وتحديات العمل والحياة.
لعقلنا المشغول بالتفكير حقٌ في الراحة. إذا وجدتم أنفسكم تكافحون من أجل النوم، أو مستيقظون طوال الليل، يمكنكم الاستماع إلى العديد من قصص النوم على تطبيق تهون. نرشح لكم قصة «حلم الفراشة». نسمع فيها قصة حلمٍ جميلٍ تحملنا فيه فراشاتٍ جميلة على أجنحتها، فنطير معها بسعادةٍ في عالم الأحلام. هذه القصص وسيلة بسيطة وممتعة للتركيز والاسترخاء. كما أنها مُعدة خصيصًا للمساعدة في الحصول على نومٍ هادئ.
ولمزيد من المحتوى اليومي المبني على دراساتٍ علمية للعناية بالصحة النفسية ولنومٍ أفضل وتوتر أقل، يمكنك تحميل التطبيق من متجر آب ستور أو جوجل بلاي ومتابعتنا على مواقع التواصل الاجتماعي.