بيئة العمل

لماذا نشعر بالذنب وكيف يمكننا التعامل معه؟ 

ما هو الشعور بالذنب؟ من منا لم يخطئ وبعد ذلك دخل في حلقة من اللوم والإحساس بالذنب. حتى لو لم نخطئ، أحياناً كثيرة يبدو أننا مدمنون على هذا الشعور. من الصعب تحديد ما هو الشعور بالذنب، لكن من الممكن أن نتفق أننا جميعًا نشعر به.  قد تشعر بالذنب بسبب فكرة راودتك أو شيء فعلته. كما […]

الشعور بالذنب والتعامل معه

ما هو الشعور بالذنب؟

من منا لم يخطئ وبعد ذلك دخل في حلقة من اللوم والإحساس بالذنب. حتى لو لم نخطئ، أحياناً كثيرة يبدو أننا مدمنون على هذا الشعور.

من الصعب تحديد ما هو الشعور بالذنب، لكن من الممكن أن نتفق أننا جميعًا نشعر به. 

قد تشعر بالذنب بسبب فكرة راودتك أو شيء فعلته. كما قد تشعر أيضًا بالذنب لأن أفكارك وأفعالك لا تتوافق مع ثقافتك أو عائلتك أو معتقداتك. في الغالب ارتباط الأحداث بالشعور بالذنب يكون سلبياً، إلا أن المفاجأة أن هذا الشعور قد يكون له وظيفة إيجابية.

ففي كثير من الأحيان، يهدف الشعور بالذنب إلى مساعدتك في اتخاذ قرار صائب من الناحية الأخلاقية. إذا أثارت أفعالك نتائج أو مشاعر سلبية، فسيخبرك الشعور بالذنب لاحقًا أنه كان خطأً، وفعله مرة أخرى سيجعلك تشعر بالذنب.

ومع ذلك، فإن الشعور المفرط بالذنب يحدث عندما يتحول الشعور بالذنب إلى أن يؤدي بك إلى هواجس القلق والميول الاكتئابية وحتى الأعراض الجسدية المرضية إذا لم يتم معالجة ذلك. في حين أن معظم مشاعر الذنب داخلية، إلا أنه غالبًا ما تكون مشروطةً بعوامل خارجية.

لماذا نشعر بالذنب؟

يا ترى، لماذا يترك بعض الناس الذنب ليمزقهم في الداخل؟ يقول الخبراء إن السبب يقع جزئيًا على نوع ونمط الشخصية.

بحسب موقع ويب مد، فإن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الوسواس القهري أو الوسواس الشخصي أو الذين لديهم هذه السمات في شخصياتهم معرضون أيضًا إلى لوم مفرط بشأن أفعالهم وزيادة معدل الشعور بالذنب لديهم.

في حين أن نمط الشخصية يمكن أن يهيئ الإنسان للشعور بالذنب، فإن التوقعات الاجتماعية كذلك، تلعب دورًا كبيراً.

فمنذ سن مبكرة، يتلقى كل من الذكور والإناث إشارات متكررة حول التوقعات الخاصة والتي، إذا لم تتحقق، يمكن أن تثير الشعور بالذنب.

توضح ماري آن بومان، مديرة صحة المرأة في INTEGRIS، وهو نظام صحي غير ربحي في أوكلاهوما: 

تقول بومان: “كنساء، علينا تأكيد أننا لسنا أنانيات إذا قمنا بالاعتناء بأنفسنا”.

وقد قالت لموقع ويب مد: “إن توقعات المجتمع تجعلنا نفرِّط في أنفسنا، وأحياناً بشكل مطلق ومرضي”.

وهذا ما يؤدي الى رفع التوقعات من النساء، وجعلهم في حالة لوم داخلي وخارجي وشعور مستمر بالذنب جراء عدم الوصول لهذه التوقعات الغير عادلة والغير منطقية.

أما الرجال، من ناحية أخرى، يكبرون مع مجموعة مختلفة من التوقعات. ومثال على ذلك، يتعلم الرجال بناء احترام الذات من خلال إنجازاتهم فقط. لذلك فإن الرجل الذي لم يصبح رياضيًا أو عالِمًا كما توقع هو ووالديه، غالبًا ما يعاني من الشعور المستمر بالذنب. إضافة الى حاجته لتلبية متطلبات أسرته ومقارنة ذلك بمن حوله من الرجال، وهذا ايضا يجعله في حالة جري مستمر ولوم وشعور بالذنب.

إضافة إلى كل ذلك، فالأطفال الذين يعيشون لإرضاء والديهم، سواء كانوا رجالاً أو نساء، يعانون من الشعور بالذنب لعدم قدرتهم على التخلُّص من رغبتهم المتطرفة في إرضاء والديهم دون أن يصلوا الى تقدير مناسب.

علامات الشعور بالذنب

غالبًا هنالك علاقة للشعور بالذنب مع الوسواس القهري والقلق والاكتئاب ومجموعة أخرى من التشخيصات. من بعض الأعراض الجسدية التي تدلّ على الشعور بالذنب، مشاكل النوم والمعدة والهضم والتوتر العضلي.

غالبا ما تتخفى سلوكيات شعورنا بالذنب ضمن نشاطاتنا اليومية، دون الانتباه لها. قد نجد مبررًا لبعض الأفكار وحتى المواقف، لكن الشعور بالذنب قد يكون السبب لتلك الأفعال. تتضمن بعض أعراض الشعور بالذنب ما يلي:

  • أن تكون حساسًا تجاه أثر كل فعل تقوم به.
  • أن تكون غارقًا ويستولي عليك احتمال اتخاذ قرارًا خاطئًا في كل ما تقوم به.
  • تقدير ذاتي منخفض.
  • أن تقوم بوضع الآخرين أولوية على حساب نفسك حتى يصبح هذا الأمر شديد الضرر عليك.
  • تجنُّب مواجهة مشاعرك والعمل على كبتها وتجاهلها.

أثر الشعور بالذنب

إن الشعور الساحق بالذنب الذي يشعر به الكثير منا ليس فقط سيئًا على النفس، بل إنه مضر بصحتنا الجسدية كذلك.

بحسب موقع ويب مد، إذا كنت تشعر بالذنب، فمن المحتمل أنك تتعرض للتوتر. وإذا قام جسمك بإطلاق مواد كيميائية للتوتر، فإنه يعرضك لخطر الإصابة بأشياء بسيطة مثل الصداع وآلام الظهر. 

ولكن هذا ليس كل شيء. 

فإن الشعور بالذنب يساهم أيضًا في أمراض القلب والأوعية الدموية واضطرابات الجهاز الهضمي. ويمكن أن يكون له تأثير سلبي على جهاز المناعة مع مرور الوقت.

كما يؤثر الشعور بالذنب على الحالة العقلية، فقد يساهم بشكل كبير بحصول الاكتئاب، لأنه يشمل نظرة سلبية للذات والقلق المستمر جراء ذلك.

كيف نتخلص أو ندير الشعور بالذنب 

بحسب منشورات إحدى أهم الجامعات في العالم، فإن إدارة الشعور بالذنب تتم من خلال مستويات ثلاث.

أولا: إدارة الذنب على مستوى الذات

ارتدِ قناع الأكسجين الخاص بك قبل مساعدة الآخرين

غالبًا ما يكون أساس الشعور بالذنب هو الشعور بالتقصير في أداء المهام. عندما تكون متوترًا ، فمن المرجح أن تقع فريسة لمثل هذه الأفكار المدمرة على المدى الطويل. قد تكون الخطوة الأولى للتغلب على الشعور بالذنب هي الاعتناء بنفسك بشكل أفضل. لا يمكنك أن تقدم أي شيء ذو فائدة لأي شخص آخر (سواء كان رئيسًا، أو صديقًا، أو زوجًا، أو والدًا، وما إلى ذلك) إذا كنت حطامًا عصبيًا ونفسيا.

خذ قسطا من النوم. لا تسهر لوقت متأخر لأن منتصف الليل حتى الثانية صباحًا هو الوقت الوحيد الذي ينام فيه كل من يريد شيئًا منك. يمكنك قضاء بعض الوقت مع نفسك. اصنع تلك اللحظات خلال النهار، مهما كانت قصيرة.

تُظهر الكثير من الأبحاث أن الأشخاص الأكثر سعادة، هم الأشخاص الأكثر إنتاجية، وهم الشركاء الأفضل، ومن لديهم زيجات أفضل، ومن البديهي أن يكونوا كذلك أقل عرضة لجلد أنفسهم بالشعور بالذنب.

تحديد الأولويات

الشعور بالذنب هو سبب كل أولوياتك المتضاربة. عندما تقرر تعديل ذلك، لا تشكك في قرارك لتنظيم الأولويات، ما فعلته سابقا هو افضل خيار في وقته، ما مضى قد مضى، ابدأ الآن بشكل جديد.

قم بتقدير مقدار الوقت الذي تقضيه في كل مهمة من مهامك. إذا وجدت أن هناك مهامًا ليست مهمة أو عاجلة ولكنها تستغرق وقتًا طويلاً، فراجع ما إذا كان يمكنك تفويضها، أو القيام بها بشكل أكثر كفاءة، أو التوقف ببساطة عن القيام بها، افعل ذلك ولا تخف.

طلب المساعدة

غالبًا ما نتردد في طلب المساعدة لأننا نشعر أنها قد تقوض سلطتنا أو تقلل من مكانتنا أو ببساطة لأننا نخاف من الرفض. تُظهر الأبحاث أن مطالبة الناس بفعل الأشياء من أجلك تجعلهم يحبونك ويثقون بك أكثر. سيساعدك وجود القليل في لائحة مهامك على الوفاء بالتزاماتك والاهتمام بأولوياتك، وسيقلل الأصوات المزعجة في داخلك المسببة للشعور بالذنب.

ثانيا: إدارة الذنب على مستوى الآخرين

توقف عن إصدار الأحكام على الآخرين. قد يؤثر سعيك إلى الكمال، حتى تتخلص من الشعور بالذنب، على الآخرين أيضًا. 

قد يؤدي تراكم الضغط من أجل الأداء المتفوق، إلى جعل زملائك يشعرون بالذنب لعدم قدرتهم على الالتزام بالمعايير الخاصة التي تضعها لنفسك ولهم كذلك.

إذا شعرت بالإحباط بسبب أداء شخص آخر في العمل، فذكر نفسك أنك لا تعرف ما يحدث في حياته الخاصة في الوقت الحالي. 

كما أن عدم إصدار الأحكام على الآخرين بسبب العيوب المتصورة لديك قد يساعدهم على أن يكونوا أكثر اعتدالًا تجاه أنفسهم وبالتالي الشعور بالذنب أقل.

ثالثا: إدارة الذنب على مستوى نظام

إعادة تصميم ما نُعلِّمه ونتعلمه: يجب أن تتوقف أنظمتنا التعليمية والثقافية والعائلية عن تعليم: “الأولاد أن يكونوا شجعانًا بشكل متطرِّف وأن تكون الفتيات مثاليات”. 

يجب تعليم الجميع منذ صغرهم كيفية الاسترخاء، وأن يكون من الطبيعي أن لا يفعلوا شيئًا بين الحين والآخر، والقدرة على الاستمتاع بلحظة من السكون، خالية من الذنب.

توقف عن الشعور بالذنب لعدم استخدام كل دقيقة من كل يوم لفعل شيء مثمر. إن ذلك غير ممكن وهو أيضا ليس صحيًا.

من الممكن تعلم تقليل الشعور بالذنب ودمج ذلك في حياتنا اليومية، على الرغم من أن ذلك قد يستغرق بعض الوقت،. لكن كلما بدأنا مبكرًا، زادت فرصتنا في أن تكون الأجيال القادمة أكثر توازناً مما نحن عليه الآن.

علاوة على كل ذلك فإنه وبحسب موقع ويب مد، فإن عمل قائمة بما تشعر بالذنب تجاهه، ثم استخدام هذه القائمة للقيام بالتالي:

  • اكتب رسالة إلى شخص هو مصدر شعورك بالذنب.
  • تطوع للتعويض بشيء تشعر بالذنب تجاهه.
  • قم بإدارة الشعور بالذنب عن طريق استخلاص الدروس منه وتطبيقها في حياتك.

التأمل والشعور بالذنب

يمكن أن يساعد التأمل في التعامل مع الشعور بالذنب. في الواقع، إن التغلب على إدانة الذات وشعورها بالذنب هو إلى حد كبير نتيجة لعملية التخلّى والغفران من خلال الممارسات الذهنية الواعية والاسترخاء.

يسمح لنا التأمل والحضور الذهني في مراقبة المشاعر والأفكار،  بالتصالح مع الشعور بالذنب من خلال إظهار أن الشعور بالذنب هو شعور خارجي بالنسبة لنا ، وليس ما نحن عليه ولا يعرفنا.

من خلال الممارسة المستمرة للحضور الذهني والتأمل والاسترخاء، يمكننا التوقف عن الشعور بالذنب. كما أنه يمكننا أيضًا معالجة أسباب إحساسنا بالذنب ومنع ظهور حتى الندم في المقام الأول.

وللمزيد من المحتوى اليومي المبني على دراسات علمية لنوم أفضل وتوتر أقل، قوموا بتحميل التطبيق من متجر آب ستور أو جوجل بلاي وتابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي.

د. نايف المطوع

الدكتور نايف المطوع صاحب عدة مبادرات ورجل أعمال حائز على عدة جوائز، وأخصائي نفسي وتنويم مغناطيسي ومؤسس مركز السور للعلاج والتقييمات الاحترافية، المركز الريادي في الكويت بمصادره المتنوعة من الخدمات النفسيَة. وهو مرخص على التوالي من ولاية نيويورك ودبي وبحرين وقطر والكويت، ومن الرابطة الوطنية لأخصائيي التنويم المغناطيسي وعضو الجمعية النفسية الأمريكية.  
 
الدكتور نايف أستاذ مساعد وعضو هيئة التدريس في كلية الطب بجامعة الكويت، حيث يدرس علم النفس الإكلينيكي، ومهارات التواصل والكتابة الإبداعية والعلاج السلوكي الإدراكي منذ سنة 2005. وهو أخصائي نفسي في المشاكل الجنسية مرخص من طرف الجمعية الأمريكية لأخصائيي التربية والعلاجات والاستشارات الجنسية.

مقالات ذات علاقة

جرب تطبيق تهون مجانا الآن!

ستحصل على جلسات وبرامج مخصصة بناءا على أهدافك التي تود تحقيقها

  • التحميل من متجر آبل
  • التحميل من متجر جوجل