لماذا نشعر بالرغبة الشديدة في التحكم والسيطرة؟ 

في أوقات عدم اليقين، يزداد شعور البشر بالأمان حينما يكون لديهم قدرة على التحكم في الأمور. كما يؤدي ذلك غالبًا إلى محاولات السيطرة على النتائج أو المواقف أو ردود أفعال الآخرين أو البيئة. وكلما زاد الوضع غموضًا، زاد تشبثنا بتلك المحاولات. لكن التصرف الصحيح هو العكس تمامًا.

للشعور بالهدوء وراحة البال والقدرة على التحكم في مصير المرء، هناك حاجة إلى تغيير أسلوب التفكير الذي يحثنا على السيطرة على كل الأمور. علينا التحول نحو عقلية تركز على الكفاءة الذاتية بدلاً من السيطرة على العوامل الخارجية.

الكفاءة الذاتية هي الاعتقاد بأنه يمكننا فعل ما يجب القيام به بغض النظر عما يواجهنا. إن ذلك يزيد ثقتنا في أنفسنا  وقدراتنا على المثابرة برغم كل التحديات. هذا التحول يتطلب منا التخلي عن محاولة السيطرة على النتائج. والتركيز على عالمنا الداخلي وأفكارنا وتوقعاتنا، والذكاء العاطفي في التعامل مع المشاعر التي تستفز رغبتنا للسيطرة على الأمور.

أهمية التخلي عن السيطرة

يبدأ الأمر بإدراك عدم القدرة على التحكم في الأحداث الخارجية. فمن المنطقي أن توجه طاقتك إلى مكان آخر، أن تركز على نفسك. فهي الشئ الوحيد الذي يمكن التحكم به، راقب أفكارك وسلوكك وردود أفعالك.  من خلال التخلي عن محاولة السيطرة على العوامل الخارجية، فإنك تزيد من ثقتك بنفسك. مما يحسن صحتك الجسدية والعاطفية، ويعطيك إحساس أكبر بالقوة واللياقة العقلية. سيتطور أدائك في العمل وتمتلئ حياتك بمزيد من السعادة والحرية. لأن التخلي عما لا يمكن التحكم فيه، يفتح الباب أمام احتمالات مثيرة للاهتمام لم تتخيلها قبل ذلك.

فن التسليم 

قد يكون التسليم للمجهول مخيفًا  للكثير من الناس، فهو ظاهريًا يشير إلى الضعف. وهذا اعتقاد متجذر داخلنا بأننا نعرف الطريق الصحيح دائمًا، ونعرف كيف نصل إلى نهايته.

لكن ما يحدث في مواجهة ما هو غير متوقع أو غير قابل للإصلاح ولا يمكن التحكم به نهائيا، مثل مرض أو وفاة أحد أفراد أسرتنا أو تغيير مهم في مسار عملك. في هذه الحالات بالذات يتطلب منك التسليم قوة وشجاعة.

التسليم يعني وقف الصراع الداخلي. توقف عن الصراع مع نفسك. لا تحارب الكون والتدفق الطبيعي للأشياء. لا يمكنك مقاومة الأحداث والدفع لتغيير الواقع بشدة.

التسليم لا يعني التقاعس عن العمل، بل يتعلق الأمر باتخاذ إجراءات من مكان راحة وثقة مما يجعل التصرف أكثر حكمة.

وإن أعظم وسيلة مقترنة بالتسليم فهي القدرة على تطوير مهارة التخلي عن الأمور التي لا يمكن التحكم بها. وبرغم أن ذلك يعد مهارة نفسية وعقلية، إلا أنه يمكنك تعلم الأدوات اللازمة لممارستها. تدعمك تلك الأدوات في معرفة ما يجب التمسك به وما يجب تركه.

ركز على ما يمكنك التحكم فيه.

لا يمكنك التحكم في الأحداث الخارجية أو ردود أفعال الآخرين. أنت فقط تستطيع السيطرة على أفكارك وردود أفعالك.

ثق بأن الأمور الخارجة عن إرادتك ستحدث كما هي وستمضي بشكل عام على النحو الأفضل لها.

توجد عدة طرق لبناء هذه الثقة، وكل شخص له طريقة تناسبه.. الإيمان الديني قد يساعد البعض. حيث أن الإيمان بوجود خالق ومدبر مطلع على كل شيء، يعطي شعورا بهذه الثقة.  

البعض الآخر قد يقرر وضع ثقته في أدلة إحصائية وعلمية بحتة، تثبت بالتجربة والدليل العلمي نتيجة ما، مما يجعلهم أكثر ثقة في نتائج الأمور الخارجة عن سيطرتهم.

لا تتسرع في الانتقال لما بعد الحدث

احتضن النهايات بالكامل وحدد خسائرك (حتى لو كانت فشل أو إخفاقات). فكر في ما يجب الاحتفاظ به بخفة، وما يجب الاحتفاظ به بإحكام، وما يجب تركه لأنه لم يعد يخدمك.

تدرب على التخلي عن النتيجة المعلنة واسمح بدلاً من ذلك بالخيارات والإمكانيات للدخول والاستقرار في عقلك. هذا هو المكان الوحيد الذي قد تتشكل بدايتك الجديدة فيه أمام عينيك مباشرة.

واجه الواقع

قد لا يعجبك التغيير من حولك لكن تجاهُله لن يغيره، ولن يدعمك أثناء أوقات التغيير والانتقال لوضع جديد. درب عقليتك على الاعتراف بالواقع الجديد!

وبدلاً من ذلك، اسأل نفسك: “الآن بعد أن حدث هذا، كيف سأرد؟”

حدِد المحفزات الخاصة بك

جميعنا يمتلك محفزات داخلية تدفعه للرغبة في التحكم بالأمور، هذه المحفزات هي مجموعة أفكار تستفز رغبتنا للتحكم بالأمور. وتختلف هذه المحفزات من شخص لآخر. يمنحك تحديد المحفزات المتعلقة بك معلومات تؤهلك للتصرف بشكل أكثر فعالية. حي يمنحك استخدام تلك المعلومات القدرة على تعطيل عملية تفكيرك المرهقة، أو لتغيير طريقة تفكيرك بأكملها.

لاحظ توتر جسدك أو زيادة الاستجابة للقلق، عند شعورك بالرغبة في تغيير شيء ما أو السيطرة عليه.

هذه تقنية مفيدة بشكل خاص للتعامل مع المشاعر المؤلمة المتعلقة بالصدمات. يساعدك ذلك على تجنب الظروف التي قد تؤدي إلى الاستجابة للقلق.

اتخذ إجراءً للاسترخاء وتهدئة جسدك وعقلك، ثم فكر بالسبب الذي يجعلك ترغب بالتحكم بالأمور. هذا هو محفزك الخاص الذي من الممكن تغييره منطقيًا، ومحاولة تغييره لفكرة أفضل تجعل أكثر استرخاء في المرات القادمة، وأقل رغبة بالتحكم في الأمور بشكل عام.

تواصل مع نفسك

هناك العديد من الممارسات التي تفتح لك المجال لمعالجة التغيير. هذه الممارسات تدعم جهودك نحو انتقال ناجح. ليس من المهم أيهما تختار، فقط عليك اختيار ما يناسبك من بين الاقتراحات التالية:

• مارس اليقظة الذهنية للبقاء في الوقت الحاضر.
• استخدم التوكيدات الإيجابية كمصدر للإلهام والتحكم في الأفكار السلبية.
• افعل ما يجلب لك السعادة، بحيث تدخل في حالة تدفق وتفقد إحساسك بالوقت.
• اقض بعض الوقت في الطبيعة.
• قم ببعض التمارين البدنية التي تستمتع بها.
• تدرب على التنفس الواعي.
• التقِ بالأصدقاء أو الأحباء، وركز على بناء علاقة هادفة.
• تدرب على عادات إيجابية جديدة.
• اسمح لنفسك أن تحلم بمستقبل محتمل، ولاحظ بهدوء ما تشعر به عند التفكير في هذه الاحتمالات

 وللمزيد من المحتوى اليومي المبني على دراسات علمية للاعتناء بالصحة النفسية، يمكنكم تحميل التطبيق من متجر آب ستور أو جوجل بلاي وتابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي.