قبل بضعة أشهر، كانت تعمل «فاطمة» في وظيفتين. أصبحت علاقتها بعائلتها وصديقاتها مضطربة، وكانت متعبة ومرهقة وغير سعيدة. ذات ليلة، عادت إلى منزلها فوجدت زوجها في المطبخ. لقد أعد العشاء لها، وكانت رائحته رائعة. عندما جلست لتناول الطعام، أخبرها أنه كان يفكر في مدى الإجهاد الذي تعاني منه. أراد أن يفعل شيئًا ما ليجعل حياتها أسهل قليلًا. تأثرت بحديثه وكانت ممتنة لاهتمامه. في تلك الليلة، نامت بمعدةٍ ممتلئة وقلبٍ مليء بالامتنان. فهل يمكن أن يستمر هذا الشعور عبر ممارسة الامتنان اليومية؟
الامتنان هو أحد أقوى المشاعر التي يمكن أن نشعر بها. يشبه شعاع الشمس الذي يذوِّب الغضب ويسمح لنا برؤية الجمال في الحياة. لديه القدرة على قلب يومنا بالكامل. عندما تشعرون بالضيق، خذوا لحظةً للتفكير في الأشياء التي تشعرون بالامتنان من أجلها، وستلاحظون الفرق.
ما هي معوقات ممارسة الامتنان؟
الامتنان هو التعبير عن التقدير لما نمتلكه. إنه الاعتراف بأن الحياة لا تدين لنا بشيء وكل الخير الذي نملكه هو هدية. يحقق ذلك السيطرة على الاستحقاق واعتناق التواضع، فيكون بمثابة تحرر روحي ونفسي. من الممكن أن نشعر بالامتنان للأحباء والزملاء والحيوانات والطبيعة والحياة بشكلٍ عام. تولد هذه المشاعر مناخًا من الإيجابية يشبع ذواتنا ويمتد إلى الخارج.
قد يأتي الامتنان لبعض الناس بشكلٍ طبيعي. يكون لديهم بالفعل موقف ممتن، مما يقودهم للبحث عن الخير في تفاصيل الحياة. وعلى جانبٍ آخر، يمكن لبعض السمات الشخصية واضطرابات المزاج أن تشكّل حواجز أمام ممارسة الامتنان. فيما يلي بعض هذه العوائق:
المادية: بدلًا من الامتنان لما لدينا، نعتقد أن امتلاك المزيد من الأشياء -كمنزل فخم وسيارة فارهة- سيؤدي إلى السعادة. أو أننا نحتاج لأحدث الأدوات والمتعلقات للحفاظ على وضعٍ اجتماعي معين.
التشاؤم: إذا كنا لا نثق في وجود الخير في الطبيعة البشرية، فسنعتقد أن الناس يتصرفون فقط وفقًا لمصالحهم الذاتية. الشخص الذي يقدم لنا هدية، إنه فقط يريد معروفًا في المقابل. هذه العقلية تجعل من الصعب الشعور بالامتنان تجاه الآخرين.
النرجسية: يميل النرجسيون إلى الشعور بالاستحقاق والتركيز على الذات، ولديهم حاجة مفرطة للإعجاب. إنهم عرضة للتغاضي عن الهدايا والحظ السعيد لأنهم يتوقعون دومًا معاملة فائقة.
الإجهاد: يمكن لضغوطات الحياة اليومية أن تعرقل رؤيتنا للنعم من حولنا. قد نرغب في الشعور بالامتنان لوجود مكانٍ نعيش فيه، لكن ضغوط مواكبة الفواتير دائمًا ما تكون حاضرة في عقولنا.
الاكتئاب: إنه أكثر تعقيدًا من الشعور بالحزن. ينطوي على شعورٍ عميق باليأس، والذي يجعلنا نشعر بالتعب والعزلة والفراغ. إنه بمثابة حجاب يحجب كل الجوانب الإيجابية في حياتنا.
كيف يؤثر الامتنان على أجسادنا وأدمغتنا؟
لقد ثبت أن ممارسة الامتنان تؤثر على صحة الأشخاص الذين يعانون من أمراضٍ مختلفة. إنه يؤثر على هرمون الإجهاد «الكورتيزول» ويخفض مستواه في الجسم. يحسِّن ذلك وظائف العديد من الأجهزة، بما في ذلك الجهاز المناعي. يرتبط الامتنان بمستويات أقل من الألم الجسدي، وانخفاض ضغط الدم، وزيادة الطاقة، والمساعدة في علاج أمراض القلب.
في إحدى الدراسات، احتفظ المشاركون بدفتر يوميات أسبوعي، وكلفوا بشكلٍ عشوائي بواحدة من ثلاث مهام. تصف إحدى المجموعات خمسة أشياء كانت ممتنة لحدوثها خلال الأسبوع. مجموعة أخرى تسجل الأحداث التي أغضبتهم، ومجموعة محايدة تصف أحداثًا عادية. بعد عشرة أسابيع، شعرت مجموعة الامتنان بتحسن في حياتهم ككل. كانوا أسعد بنسبة 25% من المجموعات الأخرى. أبلغوا عن عدد أقل من الشكاوى الصحية، ومارسوا الرياضة بمعدل 1.5 ساعة أكثر.
تؤدي ممارسة الامتنان إلى إطلاق مادتي السيروتونين والدوبامين، وهي مواد كيميائية في الدماغ مرتبطة بالسعادة والمتعة. كما تقلل أيضًا من هرمونات التوتر والقلق، وتحسن الحالة المزاجية. على المدى الطويل . تؤدي الممارسة المنتظمة إلى تغييرات دائمة في عقلك، مما يجعلك أكثر استعدادًا للمضي قدمًا.
ونظرًا لأن الامتنان يمكن أن يحسّن مزاجنا، فليس من المستغرب أنه يمكنه تحسين صحتنا العقلية بشكلٍ عام. خوض الحياة بعقليةٍ أكثر إيجابية يمكن أن يفعل أكثر من ذلك. كما أن له فوائد عديدة في مجالات أخرى في حياتنا، مثل: نوم أفضل، وتحسين التركيز، وتحسين المرونة النفسية، وارتفاع احترام الذات.
الامتنان ليس مجرد عاطفة؛ إنه أيضًا قيمة يبنيها معكم تطبيق «تهون»، بمحتواه اليومي الذي يساعد على زيادة مقدار الامتنان في حياتنا اليومية. إنها طريقة رائعة لتحسين الصحة العقلية والجسدية والرضا الوظيفي والسعادة.
ممارسة الامتنان للتعامل مع القلق والتوتر
إذا كنتم تعانون من اضطرابات القلق، فأنتم لستم وحدكم. إنه يؤثر على أكثر من ثلاثمئة مليون شخصٍ في العالم. في هذه الحالة، يصعب العثور على الأشياء التي نشعر بالامتنان من أجلها. القلق قد يجعلنا نشعر بالحزن.
عندما نتوقف عن التركيز على الأشياء التي لا معنى لها، وننظر إلى الأشياء الصغيرة التي تجعل على الأرض ما يستحق العيش، ستتغير نظرتنا العامة للحياة. مما يجعلنا أشخاصًا أكثر سعادة. يساعد ذلك في تخفيف القلق، وبالتالي تحسن الصحة العقلية بشكلٍ عام.
تساعد ممارسة الامتنان المنتظمة على خفض مستويات الكورتيزول في أجسامنا بحوالي 23% ، وبالتالي تجنب عواقب القلق والتوتر. تساهم بعض الخطوات في منع القلق من التدخل في حياتنا. تتضمن ممارسة الرياضة، والحصول على قسط كافٍ من النوم، والتغذية الجيدة، وكذلك الامتنان. إنه يساهم في الحماية من القلق بطريقتين: يتيح فهم أنفسنا بشكلٍ أفضل من أجل أن نأخذ الأمور ببساطة وحدوث طمأنة الذات. كما يقلل الحديث السلبي المتكرر عن النفس، مما يخفّض مستويات القلق.
لممارسة الامتنان في العمل تأثيرًا كبيرًا على إدارة التوتر للموظفين. في فحص لتأثيرات الامتنان على الإجهاد وأعراض الاكتئاب لدى طاقم مستشفى، ظهر على المشاركين الذين مارسوا الامتنان أعراض اكتئاب وتوتر أقل.
يساعدكم تطبيق «تهون» على إنشاء اليوميات والتذكيرات اليومية للامتنان، بحيث يصبح روتينًا يوميًا. مما يقلل التوتر ويعزز الإحساس بالإيجابية والشعور بمعنى الحياة.
العثور على السلام الداخلي بممارسة الامتنان
في أبحاث علم النفس الإيجابي، يرتبط الامتنان بتحقيق سعادة أكبر. يساعد الناس على الشعور بمشاعر أكثر إيجابية مثل التسامح، والاستمتاع بالتجارب الجيدة، وتحسين صحتهم، والتعامل مع الشدائد، وبناء علاقات قوية. تساعد ممارسة الامتنان الأشخاص على التواصل مع شيء أكبر من أنفسهم كأفراد، سواء كانوا أشخاصًا آخرين أو الطبيعة أو قوة أعلى.
تجربة السلام الداخلي الناتج عن الامتنان، يجب أن تبدأ بإحصاء نعمنا باستمرار. كم مرة نشعر بالامتنان حقًا ليومٍ مشمس؟ شراب ماء منعش؟ عندما نزيد إحساسنا بالامتنان لكل الأشياء الصغيرة في الحياة، فإننا نسمح للسلام الداخلي بالتوسع والإشعاع تجاه العالم من حولنا.
بالاستماع إلى برنامج «الاتزان بالامتنان» للدكتورة أمل العودة على تطبيق «تهون»، ستتمكنون من النظر إلى الحياة كفرصة للنمو والتعلم. هذه الطريقة في إدراك الحياة تؤدي إلى الشفاء والسلام الداخلي، حتى عندما تكون هناك فوضى خارجية.
نصائح لممارسة الامتنان
ليس من السهل دائمًا أن نتذكر أن نكون ممتنين، خاصة وأن العقل البشري قابل للتكيف. نتعود بسهولة على كل وسائل الراحة الموجودة حولنا. في الكوارث، نرى أنه لا ينبغي أن نأخذ أشياء مثل المياه الجارية والكهرباء كأمر مسلم به. لكن إلى متى يستمر هذا الشعور؟ في غضون أيام قليلة سيختفي.
معالجة تجارب الحياة من خلال عدسة الامتنان لا يعني إنكار وجود سلبيات. إنه ليس شكلًا من أشكال السعادة السطحية أو الإيجابية السامة. هو فقط إدراك القوة التي لدينا لتحويل عقبة إلى فرصة. إنه يعني إعادة صياغة الخسارة إلى مكسب محتمل.
الامتنان يتطلب ممارسة مثل أي مهارة أخرى. يوم الامتنان العالمي هو الوقت المناسب للبدء، ولكن إذا كنت ترغب في جني كل الثمار، فاستمر في التدرب. إليكم بعض النصائح:
- الاحتفاظ بمدونة امتنان والكتابة بها يوميًا.
- ممارسة تأمل الامتنان.
- الامتنان لكوننا على قيد الحياة، والتنفس بوعي.
- ملاحظة جمال الطبيعة كل يوم.
- تعزيز الصداقات.
- الابتسام في كثير من الأحيان.
- مشاهدة مقاطع فيديو ملهمة تذكرنا بالخير في العالم.
- تجنب المشاهد والأفلام ذات المحتوى السلبي.
- الاتصال بالأم أو الأب كثيرًا.
- طهي وجبات الطعام بحب، والتفكير في من سنطعمهم.
- العمل التطوعي لمساعدة الآخرين.
- عدم النميمة عن أي شخص.
- قضاء وقتًا ممتعًا مع أطفالنا.
- إضافة شيء واحد على الأقل إلى قائمة الامتنان يوميًا.
ولمزيدٍ من محتوى الامتنان اليومي، يحتوي تطبيق «تهون» على محتوى صوتي أصلي ومتجدد باللهجة الخليجية للتعامل مع التحديات اليومية، مثل: مشاكل التغذية والنوم، والتوتر، وقلة الإنتاجية. بالإضافة للوصول إلى الأهداف طويلة المدى مثل تغيير العادات غير الصحية واستبدالها بعادات صحية وأنماط تفكير إيجابية. يمكنكم تحميل التطبيق من متجر آب ستور أو جوجل بلاي ومتابعتنا على مواقع التواصل الاجتماعي.