الحياة الزوجية

التعامل مع الخوف من الهجر

ما هو الخوف من الهجر؟ قم بالتفكير بشخص عزيز جدا على قلبك، وتخيَّل بعدك عنه لأي سبب من الأسباب، سواء كان ذلك بشكل مؤقت أو دائم، ماذا ستشعر؟ الإنسان حسب علم الاجتماع وعلم النفس، كائن إجتماعي، لذلك فإن من أكثر ما قد يجعل الإنسان يشعر بالألم، هو الابتعاد عن الأشخاص المهمين في حياته، سواء كان […]

articlesAlone

ما هو الخوف من الهجر؟

قم بالتفكير بشخص عزيز جدا على قلبك، وتخيَّل بعدك عنه لأي سبب من الأسباب، سواء كان ذلك بشكل مؤقت أو دائم، ماذا ستشعر؟

الإنسان حسب علم الاجتماع وعلم النفس، كائن إجتماعي، لذلك فإن من أكثر ما قد يجعل الإنسان يشعر بالألم، هو الابتعاد عن الأشخاص المهمين في حياته، سواء كان ذلك بسبب:

  • الموت
  • البعد المكاني
  • النزاع 

هذا الألم، المتخيَّل في الغالب، يزرع خوفا دائما في أنفسنا، وقد يصبح الشخص مفرط الحساسية، يثق في الآخرين بصعوبة، يتخذ سلوكيات متطرفة حتى يتجنب الألم الذي يتسبب به الرفض أو الانفصال عن الآخرين للدرجة التي قد تمنعه من الأساس، أن يكوِّن أي علاقات أو صداقات عميقة ويصعب عليه الالتزام في علاقات طويلة الامد.

جذر الخوف من الهجر

هذا النوع من الخوف، يسمَّى “الخوف من الهجر”. إن جذر هذا الخوف في الأصل هو الخوف والتوجُّس من الشعور بالوحدة بشكل عام، والذي يمكن أن يصل لأن يكون رهابًا أو شكلاً من أشكال القلق. يمكن أن تؤثر هذه المشكلات على كل أشكال العلاقات بشكل عام، وغالبًا ما تنجم عن فقدان قد حصل في الطفولة، بشكل ما. تشمل العوامل الأخرى التي تحوِّل الخسارة أو الرفض أو الإنفصال، إلى خوف من الهجر: العوامل البيئية والطبية والجينات وكيمياء الدماغ.

كما ذكرنا، تعد تجارب الطفولة المبكرة والأحداث الصادمة فيها، أكبر مساهم في تطوير مشاكل الخوف من الهجر، عندما يصبح الشخص بالغًا. قد يشمل الحدث الصادم، فقدان أحد الوالدين بسبب الطلاق أو الوفاة أو عدم الحصول على رعاية جسدية أو عاطفية كافية عندما كان طفلاً. يحدث الخوف من الهجر عندما:

  • لا يتم السماح للأطفال بالتعبير عن أنفسهم عاطفيا من قبل الوالدين.
  • سخرية البالغين، والوالدين خصوصا، من أطفالهم.
  • ممارسة الوالدين للكثير من الضغط على أطفالهم ليكونوا “مثاليين”.
  • التعامل مع الأطفال على أنهم من جيل الوالدين دون مراعاة فارق العمر والمعرفة والإدراك.

تحدث مشكلات الخوف من الهجر عندما لا يقوم أحد الوالدين أو مقدم الرعاية بتزويد الطفل بتفاعل متسق دافئ أو حضور كامل أثناء هذا التفاعل، مما يجعله يعيش مع شعور ضاغط وخوف مزمنين. غالبًا ما تستمر التجارب التي تحدث أثناء نمو الطفل حتى مرحلة البلوغ. هذا هو السبب في أن قضايا الخوف من الهجر تصبح أكثر انتشارًا مع تقدمك في السن ويمكن أن تؤثر على علاقاتك، لأن أثرها مستمر.

أنماط وأشكال الخوف من الهجر.

يمكن أن تظهر مشاكل الخوف من الهجر بثلاث أنماط من التعلُّق، وهي:

نمط التعلُّق المتجنب:

الأشخاص الذين يتبعون هذا النمط لا يسمحون لأي شخص بالاقتراب منهم. قد يشعر الشخص في هذه الحالة أنه لا يستطيع الانفتاح أو الوثوق بالآخرين، مما يجعله يبدو بعيدًا أو شديد التعلق بالخصوصية أو منعزلاً.

نمط التعلق القلق:

يتأقلم الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من التعلق من خلال خلق علاقات وثيقة للغاية وتعتمد على الآخرين. قد يشعر الشخص في هذه الحالة بالقلق حيال انفصال ذاته عن شريكه ويميل إلى رد الفعل العاطفي المبالغ فيه نتيجة الانفصال أو التلميح به، إن حصل. قد يكون من السهل النظر إلى الخلافات على أنها مصدر قلق وقد تتسبب بأن يتركه شريكه، مما يجعل سلوكه مدفوعا بالخوف.

نمط التعلق الغير منظم

يواجه الأشخاص الذين لديهم هذا النمط من التعلق، صعوبة في البقاء بشكل حميمي وقريب من الآخرين، ولكن يمكن أن يكونوا غير متسقين أيضًا. قد يشعر الشخص بالقلق من أن يكون في علاقة أو يرغب في تجنب الحميمية والقرب من الآخرين. قد يأتي أسلوب التعلق هذا مع اضطرابات أخرى محتملة.

علامات الخوف من الهجر.

لا تأتي مشكلات الخوف من الهجر دائمًا من صدمات في الطفولة. يمكن أن تتطور المشكلات أيضًا بعد فقدان الشريك بسبب الطلاق أو الموت. يمكن أن تؤثر هذه المشكلات سلبًا على القدرة في إنشاء العلاقات الصحية، سواء كان الفقد أو الهجر قد حصل في مرحلة البلوغ أو في مرحلة الطفولة.

يظهر الخوف من الهجر في الأشخاص الذين يبدون وكأنهم يحاولون دائما “ارضاء الآخرين” أو يحتاجون إلى طمأنة مستمرة بأنهم محبوبون. هناك أيضًا قلق مستمر يحدث مع أفكار هجر الآخرين لهم.

تشمل المؤشرات الشائعة لأنماط الخوف من الهجر المختلفة، ما يلي:

  • العطاء أكثر من اللازم أو الإفراط في الحرص على إرضاء الآخرين.
  • الغيرة في العلاقات أو من الآخرين.
  • مشكلة الثقة بنوايا الشريك.
  • الشعور بعدم الأمان حيال العلاقات.
  • صعوبة في الشعور بالحميمية العاطفية.
  • الحاجة إلى السيطرة على الشريك أو السيطرة من قبل شريك الحياة.
  • الاستقرار في علاقات غير مرضية وغير مشبعة.
  • رغبة في أن يقوم شركاء العمل أحيانا بالتصرف بنفس الطريقة التي تمت معاملة الشخص بها عندما كان طفلا.

كيفية تخطي الخوف من الهجر.

عند معالجة مشاكل الخوف من الهجر، فإن الخطوة الأولى هي فهم ما يحفز هذه المشاكل وتعلم الانسحاب عند ظهور هذه المحفزات. يجب أن تحاول أيضًا أن تشعر براحة أكبر عند إجراء محادثات حول مخاوفك بطريقة هادئة ومحترمة. قد يساعدك القيام بذلك مع شريك أو فرد من العائلة أو صديق مقرب. قد يكون الأمر صعبًا في البداية، لكنك ستجد أنه يصبح أسهل مع مرور الوقت.

من الممكن معالجة الخوف من الهجر، وهذه بعض الطرق الرئيسية لفعل ذلك:

معالجة نفسية مع مختص

في العلاج، ستكون قادرًا على استكشاف السبب الجذري لمخاوفك وتحديد أنماط التفكير السلبي. سيساعدك معالجك على استبدالها بأفكار صحية وأكثر واقعية. يمكن أن تمنحك علاقتك بمعالجك أيضًا إحساسًا بوجود علاقة آمنة. كما من الممكن خلال العمل مع المعالجين، تعلم إنشاء حدود صحية في علاقاتك وتجنب السلوكيات التي تعيق العلاقات الصحية.

العناية بالنفس

يمكن أن تساعدك ممارسة الرعاية الذاتية على العمل على تلبية احتياجاتك العاطفية. هذا يمكن أن يحسن جميع علاقاتك. يمكن أن يساعدك القيام بالرعاية الذاتية مثل كتابة اليوميات والمشي وأشياء أخرى تستمتع بها، على إرضائك وتحسين مساهماتك مع شريكك أو أصدقائك أو أطفالك دون تطرُّف.

التأمل الموجَّه والحضور الذهني

بما أن أغلب مشاكل الخوف من الهجر تنشأ في فترة الطفولة، فإن أفضل العلاج يكون في معالجة الطفل الداخلي في داخلنا. تأمل “التحدث والتعامل مع الطفل الداخلي” هو من أشكال التأمل.

هنالك بعض الاسئلة التي من الممكن طرحها على طفلك الداخلي. يمكن أن يكون التأمل والهدوء والحضور الذهني طريقة رائعة للانفتاح أكثر والقبول للحصول على إجابات.

للتأمل الكثير من الفوائد للصحة الجسدية والعقلية، لكن القليل منها يرتبط مباشرة بعمل الطفل الداخلي. على سبيل المثال ، يعزز التأمل الوعي الذاتي اليقظ، ويعلمك أن تولي مزيدًا من الاهتمام للمشاعر التي تظهر في الحياة اليومية. زيادة اليقظة الذهنية حول مشاعرك تجعل من السهل ملاحظة ما تؤدي إليه مواقف معينة إلى ردود فعل غير مفيدة.

يساعدك التأمل أيضًا على الشعور براحة أكبر مع المشاعر غير المرغوب فيها.

غالبًا ما يواجه الأطفال صعوبة في تسمية المشاعر غير المريحة، خاصةً عندما لا يتم تشجيعهم على التعبير عن أنفسهم. قد يقمعون أو يدفنون هذه المشاعر لتجنب العقاب أو كسب الثناء من مقدمي الرعاية، الوالدين على سبيل المثال والمدرسين، لكونهم “جيدون”.

يساعدك التأمل على ممارسة الاعتراف بأي مشاعر تطرأ أو من الممكن أن تكون قد طرأت وتم كبتها في حياتك، والحضور معها، وإدراكها دون محاولة مقاومتها. عندما تعتاد على تقبل المشاعر فور حدوثها، ستجد أنه من الأسهل التعبير عنها بطرق صحية. يساعد هذا في التحقق من صحة مشاعر طفلك الداخلي من خلال إرسال رسالة مفادها أنه من الجيد أن تكون لديك مشاعر والسماح لها بالخروج.

وللمزيد من المحتوى اليومي المبني على دراسات علمية لنوم أفضل وتوتر أقل، قوموا بتحميل التطبيق من متجر آب ستور أو جوجل بلاي وتابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي.

د. نايف المطوع

الدكتور نايف المطوع صاحب عدة مبادرات ورجل أعمال حائز على عدة جوائز، وأخصائي نفسي وتنويم مغناطيسي ومؤسس مركز السور للعلاج والتقييمات الاحترافية، المركز الريادي في الكويت بمصادره المتنوعة من الخدمات النفسيَة. وهو مرخص على التوالي من ولاية نيويورك ودبي وبحرين وقطر والكويت، ومن الرابطة الوطنية لأخصائيي التنويم المغناطيسي وعضو الجمعية النفسية الأمريكية.  
 
الدكتور نايف أستاذ مساعد وعضو هيئة التدريس في كلية الطب بجامعة الكويت، حيث يدرس علم النفس الإكلينيكي، ومهارات التواصل والكتابة الإبداعية والعلاج السلوكي الإدراكي منذ سنة 2005. وهو أخصائي نفسي في المشاكل الجنسية مرخص من طرف الجمعية الأمريكية لأخصائيي التربية والعلاجات والاستشارات الجنسية.

جرب تطبيق تهون مجانا الآن!

ستحصل على جلسات وبرامج مخصصة بناءا على أهدافك التي تود تحقيقها

  • التحميل من متجر آبل
  • التحميل من متجر جوجل