كيف يؤثر العمل الليلي على صحتك؟

هل فكرت من قبل أن عملك في ساعات متأخرة من الليل أو بنظام الورديات الليلية قد يكون أحد عوامل إصابتك بالسمنة أو أمراض القلب؟ الحقيقة أن هذا ما أثبته العلم. وبناء علي ذلك صنفت منظمة الصحة العالمية العمل الليلي كمسبب محتمل للسرطان.

الضوء والنوم

فنشاطك اليومي يبلغ ذروته في فترة النهار ويقل مع دخول فترة الليل، لذلك من أصعب المشاكل التي تواجه من يعمل في الوردية المسائية هي صعوبة النوم في النهار وصعوبة التركيز في الليل. إذ يساعدك الضوء والضجيج على التركيز نهاراً، لأنهما يحافظان على انضباط ساعتك البيولوجية.

أما عند تعرضك للضوء في ساعات النوم والصحو بشكل متكرر، فإنك تتسبب باضطراب لساعتك البيولوجية. فساعتك البيولوجية مضبوطة وفقا لتعرضك لدورة الضوء والظلام.

كأنّك في حالة قتال!

وعند تعرضك لمستويات منخفضة من الضوء خلال فترة المناوبة، وتعرضك للضوء الطبيعي الساطع عند عودتك إلى منزلك، فإن جسمك يتصرف وكأنك في حالة توتر كتلك التي تشبه تعرضك للقتال أو الطيران! عند التوتر، يضخ الجسم سكر الغلوكوز ويرتفع ضغط الدم، وهذا ما يحدث معك أثناء عملك ليلاً.

على المدى البعيد، يتسبب استمرار ارتفاع مستويات التوتر بأمراض القلب والأوعية الدموية أو اضطرابات التمثيل الغذائي، مثل داء السكري من النوع الثاني. فالعمل الليلي يؤدي إلى انخفاض مستوى هرمون اللبتين المسؤول عن تنظيم عملية الهضم ويتسبب باضطراب عملية التمثيل الغذائي، ولذلك يتسبب العمل المسائي بالسمنة وغيرها من أمراض القلب والشرايين.

النّوم والسّكري

علماً أن الأنسولين ينشط في الجسم نتيجة انخفاض في مستوى هرمون اللبتين، مما يؤثر بشكل سلبي على مستوى الإنسولين والسكر في الدم، وهذا يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بسكر النوع الثاني.

إذ تشير الأبحاث إلى أن استهلاك الكربوهيدرات يمكن أن يرتفع بنسبة 30ـ40 في المئة بعد أربعة أو خمسة أيام فقط من قلة النوم، نظرا لارتفاع مستوى هرمون يسمى غريلين، الذي يتسبب بشعورك بالجوع ويشجعك على تناول السكر والكربوهيدرات.

أمراض مزمنة من قلّة النوم

كما أن ارتفاع مستويات الكوليسترول خلال العمل ليلاً يؤدي لإفراز كميةٍ أقلّ من هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم ومناعة الجسم وبالأخص مقاومة الأورام، لذلك قد يتسبب اضطراب العمل الليلي بسرطان الثدي والبروستاتا. 

إلى جانب ذلك، يرتبط اضطراب العمل الليلي بالكثير من الظواهر السلبية، فمثلاً كشفت دراسة لمستشفى بريجهام آند وومن BWH ومعهد ليبرتي للأبحاث المتبادلة للسلامة أن 37.5% من السائقين الذين تعرضوا للحوادث المرورية كانوا يعملون في وردية ليلية قبل وقوع الحادث مباشرة.

القيادة ليلاً

كما أثبت الباحثون أن قيادة السيارة عقب انتهاء العمل في النوبات الليلية لا تختلف كثيرا عن قيادة السيارة تحت تأثير الخمور، وكلاهما يساهمان في رفع نسب الحوادث المرورية.

هذه هي الآثار على المدى الطويل، ولكن بالطبع يؤثر الحرمان من النوم عليك على المدى القصير أيضا. والتأثير الأكثر وضوحا هو التعب وصعوبة الاستيعاب وفقدان التعاطف.

جفاء اجتماعي

واجتماعياً، يتسبب العمل الليلي بمشاكل عديدة للفرد، فالابتعاد عن العائلة والأصدقاء خلال فترات النهار يزيد الضغوط العائلية والاجتماعية على الفرد. كما يصبح من الصعب عليك القيام بأنشطة ترفيهية ما يزيد من شعورك بالإحباط والاكتئاب والوحدة.

حسناً، نعرف أن متطلبات الحياة قد تجبرك على العمل في ساعات متأخرة. لذا نقدم لك بعضاً من النصائح لتخفّف من مخاطر العمل الليلي.

اتبع الضّوء!

العمل في مكان مضيء يقلّل شعورك بالنعاس. فبحسب الدراسات، يساعد “الطيف الكامل للضوء” الجسم على الانتظام في عمليتي النوم والاستيقاظ. وفي حالة النوم في الصباح يفضل النوم  في غرفة مظلمة واستخدام العصبات بالعينين لأنها تساعد على الاسترخاء. وعند عودتك من ورديتك الليلية حاول تفادي الشمس قدر الإمكان، لأن ضوء الشمس يحفز شعورك باليقظة.

عليك بالقيلولة

قيلولة قصيرة ستساعدك في تحسين مستوى يقظتك في العمل وتقليل شعورك بالنعاس المفرط في ساعات النهار. خذ قيلولة من 90 دقيقة قبل بدء عملك الليلي لتمنحك الطاقة دون التأثير على نومك فيما بعد.

حافظ على تغذية متوازنة

أخذ الوجبات في أوقات منتظمة يساعد الساعة البيولوجية على ضبط مواعيد بدء اليوم وانتهائه. تناول ثلاث وجبات صحية وابتعد عن الكربوهيدرات والكافيين حتى أربع ساعات على الأقل قبل النوم.

بيئة نوم مناسبة في غرفتك

أفضل ظروف لتنام بعمق تتمثل بغرفة معزولة عن الضوضاء بدرجة حرارة معتدلة. والقاعدة الذهبية: لا تنسَ الابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية قبل ساعةٍ من وقت النوم، فالضوء الأزرق الصادر عن شاشاتها يعرقل الشعور بالنعاس.

هناك علاجات طبية كذلك للتخلص من اضطراب النوم بسبب العمل الليلي، منهاً مثلاً العلاج بالضوء الأبيض، وهو نوع من الأضواء الاصطناعية المستخدمة خلال النهار، التي يُمكن أن تساعد الساعة البيولوجية على التكيف مع الانتقال في ساعات النوم والاستيقاظ.

وللمزيد من المحتوى اليومي المبني على دراسات علمية لنوم أفضل وتوتر أقل، قوموا بتحميل التطبيق من متجر آب ستور أو جوجل بلاي وتابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي.