هل نجد أحيانًا أن يوم عملنا يخرج عن سيطرتنا؟! في كثيرٍ من الأحيان نخطط لإنجازات عديدة، لكن سرعان ما ينتهي يومنا دون أن نحقق كل ما نريد. قد يعود ذلك إلى تسلل المُشتتات إلينا؛ مثل تصفح الإنترنت، وإشعارات الهاتف والبريد الإلكتروني، وغير ذلك. كما قد يسهم النوم السيِّئ وقلة الراحة في تقليل تركيزنا وقدرتنا على حل المشكلات. ويمكن أيضًا أن نكون غير قادرين على تحديد أولوياتنا، أو نبدأ بأكثر المهام سهولة أو المهام غير الأساسية ونؤجل أكثرها أهمية، فندخل في دائرة التسويف والمماطلة. كل ذلك قد يسهم في تعطيل زيادة الإنتاجية والإنجاز في العمل، ولكن الخبر الجيد أننا نستطيع التغلب على الأمر.
إذن، كيف يمكننا استعادة السيطرة على وقتنا وتحسين إنتاجيتنا بأقل مجهود؟
فن «إنجاز الأمور»: مفتاح زيادة الإنتاجية
يمكننا الاعتماد على طرقٍ مختلفة لتخطيط مسار يومنا وزيادة إنتاجيتنا، لكن أكثرها فاعلية هي تقنية GTD التي تعني «إنجاز الأمور». وهي طريقة لتنظيم المهام طوَّرها مستشار الإنتاجية الأمريكي «ديفيد ألين». في هذه التقنية نسجِّل جميع مهام الحياة المهنية والشخصية في قوائم؛ لتتشكَّل أمامنا صورة واضحة لكل مهامنا فنتمكّن من العمل عليها بطريقةٍ مركزة؛ حيث إن إفراغ ذاكرتنا القصيرة المدى بانتظام يزيد من قدرتنا على التركيز. كما يسمح ذلك بإنجاز الأعمال والنشاطات التي تظهر في طريقنا بشكلٍ لحظي، ومن ثم زيادة الإنتاجية في العمل.
تعتمد هذه التقنية على خمس خطوات: الالتقاط والتوضيح والتنظيم والانخراط والمراجعة. سنحتاج إلى استثمار بعض الوقت في إعدادها. ومع ذلك سيؤتي هذا الاستثمار الصغير للطاقة والوقت ثماره لبقية حياتنا إذا كنا نمارسه باستمرار.
الخطوة الأولى: الالتقاط
أحيانًا تخطر لنا فكرة رائعة ولكننا ننشغل عن تدوينها فننساها فيما بعد. يحدث ذلك لأن عقلنا يعمل لخلق الأفكار وليس لتخزينها. وفي هذه الخطوة نحتاج إلى تذَكُر كل المهام والأفكار والاقتراحات والمواعيد وطلبات الأشخاص الآخرين وتسجيلها فيما يُسمى «صندوق الوارد».
يمكن أن يكون صندوق الوارد دفتر تدوين أو تطبيقًا إلكترونيًّا. لكن المهم هو جمع المهام دائمًا في المكان نفسه. قد تستغرق هذه الخطوة وقتًا طويلًا في البداية، لكن بعد ذلك يمكننا ببساطة إضافة مهام وأفكارٍ جديدة فور ظهورها خلال أوقات العمل.
الخطوة الثانية: التوضيح
في هذه المرحلة نراجع ما جمعناه في صندوق الوارد، ونوضِّح الخطوات والمعلومات اللازمة لإنجاز كل مهمة، وكل ما يمكنه توفير وقتنا وجعل مهامنا محددة وواضحة وقابلة للتنفيذ. فمثلًا إذا كانت المهمة الاتصال بعميل نكتب: الاتصال بفُلان (رقم هاتفه) في العاشرة صباحًا من يوم كذا، لأعرض عليه كذا.
وتمهيدًا للخطوة القادمة نقوم بالإجراءات التالية:
- إذا كانت المهمة غير ضرورية أو غير قابلة للتنفيذ نحذفها أو نضعها في قائمة «فيما بعد».
- إذا كانت المهمة تستغرق أقل من دقيقتين ننجزها على الفور.
- إذا كان من الممكن تفويضها نفوضها إلى شخصٍ آخر.
- إذا أردنا إنجاز مهمة في تاريخٍ أو وقتٍ بعينه نحدد تاريخًا لإتمامها وندونه في التقويم.
- إذا كانت معلومة أو أمرًا لا يتطلب اتخاذ إجراء ولكن قد يلزم الرجوع إليه لاحقًا نضعه في قائمة «معلومات مرجعية».
الخطوة الثالثة: التنظيم
في هذه المرحلة نُقسِّم المتطلَّبات والأفكار الكثيرة إلى مهامّ محدَّدةٍ بترتيبٍ معيَّن، حسب أهميتها ونوعها ووفق إطارٍ زمنيّ معلوم، بما يناسب طاقتنا واستطاعتنا دون أن نضغط على أنفسنا؛ ما يؤدي إلى زيادة الإنتاجيَّة ويحفزنا على الإنجاز.
ننقل كل مهمة أو عنصر وضحناه بالفعل إلى الفئة التنظيمية المناسبة وفقًا لطبيعته، وندرج المعلومات اللازمة له. يسمح ذلك ببناء نظام متماسك يتيح لنا تتبع كل تفاصيل مهامنا بسهولة، ومن ثم يقل عبء التذكر والتفكير في تفاصيل المهام فيتحسن أداؤنا.
التقويم: نكتب المواعيد في التقويم الخاص بنا.
المشاريع: هي المهام التي لا يمكن إكمالها في إجراءٍ واحد، وقد تتطلب وقتًا طويلًا أو عدة أيام. ووفق طبيعة وظيفتنا قد نقسّم قائمة المشاريع إلى عدة قوائم لأنواع مختلفة من المشاريع، كما نحدد الخطوات والمواعيد النهائية المحددة لكل مهمة في المشروع.
من الممكن أن يكون المشروع المخطط له إقامة دورة تدريبية في الشركة، فندوِّن تاريخها وتوقيتها في التقويم، ثم نسجّل خطواتها التحضيرية؛ مثل تحضير المادة العلمية، وتفويض فريق التسويق بتجهيز الدعاية، وتجهيز قاعة الاجتماعات، وغير ذلك. ونراعي إضافة المواعيد النهائية الخاصة بكل إجراء.
مهام لمرةٍ واحدة: هي مهام لا تنتمي لأي مشروع، وتستغرق أكثر من دقيقتين، ولكنها تتطلب إجراءً واحدًا فقط؛ مثل توقيع عقد شراكة مع شركةٍ جديدة.
ويمكننا إعداد قوائم متعددة وفقًا للسياقات المختلفة في حياتنا (العمل والأسرة والهوايات)؛ حتى لا تكون لدينا قائمة مهام ضخمة تشعرنا بصعوبة الأمر. كما نرتبها وفقًا لأولوياتها.
تذكير: إذا فوَّضنا بعض المهام إلى آخرين فعلينا الاحتفاظ بقائمة تذكير لهذه المهام؛ لمتابعة مدى تقدمهم فيها؛ مثل متابعة فريق التسويق الذي يعد حملة دعائية للدورة التدريبية.
فيما بعد: تضم المهام التي قد نرغب في تحقيقها في المستقبل؛ مثل شراء حاسوب ذي قدرات فائقة لتسهيل العمل.
معلومات مرجعية: تضم كل ما قد نحتاج إليه كمرجع خاص بمهمةٍ ما؛ مثل الوثائق والملاحظات والفواتير ونحو ذلك.
الخطوة الرابعة: الانخراط والتنفيذ
عندما نعلم أن لدينا خطة محكمة للتعامل مع أي موقف نكون أكثر استرخاءً، ومن ثم ننجز المزيد من المهام بجهدٍ أقل. إذن، ما الذي يجب علينا فعله الآن؟ يقترح «ألين» أربعة معايير لاختيار المهام وتنفيذها:
السياق: ماذا يمكننا أن نفعل هنا والآن؟
يحد السياق من اختياراتنا للمهام التي يمكننا تنفيذها؛ مثلًا: لا يمكننا العمل على الرواية التي نخطط لكتابتها في مقر العمل.
الوقت المتاح: كم من الوقت لدينا الآن؟
يمكننا مواءَمة مدة المهمة التالية التي نختارها مع مقدار الوقت المتاح؛ فإذا كان الوقت محدودًا ننجز مهام مدتها قصيرة.
الطاقة المتاحة: ما مقدار الطاقة التي لدينا في هذه اللحظة؟
نختار المهام المناسبة لمستوى طاقتنا الجسدية والعقلية؛ فعندما نكون متعبين لا ننجز سوى الإجراءات الروتينية، ونحتفظ بالمهام الصعبة إلى الوقت الذي نشعر فيه بالنشاط.
الأولوية: ما هي أولوياتنا؟ بالنظر إلى السياق والوقت والطاقة المتاحين ما الإجراء الذي يجب القيام به أولًا؟
الخطوة الخامسة: المراجعة
تهدف التقنية لإنجاز الأمور وليس لكتابتها ونسيانها؛ لذا نحتاج إلى مراجعة مهامنا بشكلٍ متكرر وإعادة ترتيب الأولويات؛ لهذا فإن فهم أولوية كل مهمة يساعدنا على إعادة جدولة عملنا تبعًا لتغير الأولويات، كما تساعد المراجعة على إعادة ضبط انتباهنا، وتحديد الخطوات التالية، والتفكير بسير العمل.
يتبع عديد من الأشخاص عملية مراجعة أسبوعية ومراجعة يومية بسيطة لخطط عملهم؛ سواء في نهاية اليوم للاستعداد لليوم التالي أو كجزء من طقوس الصباح. يسمح لنا التخطيط المسبق ليوم عملنا بالتركيز على العمل الأكثر أهمية، والتغلب على التسويف والإلهاءات التي لا مفر منها.
تتضمن المراجعة اليومية مراجعة التقويم أولًا (ما الأشياء الواجب علينا القيام بها بشكلٍ إلزامي في هذا اليوم؟)، ثم قائمة الإجراءات التالية (ما الأشياء التي علينا القيام بها في أقرب وقت ممكن؟). أما المراجعة الأسبوعية فتكون أكثر تعمقًا لجميع القوائم سواء القابلة للتنفيذ أم المؤجلة، ومتابعة مدى إنجازنا لمهامنا وخطوات مشاريعنا، وتحديث القوائم بأي أفكار أو مهام جديدة.
هونوها وتهون
لا تقتصر زيادة الإنتاجية على توفير الدقائق وزيادة نسبة الإنتاج؛ فالعمل لساعاتٍ طويلة لن يحسن إنتاجيتنا. علينا فقط أن نعمل وفق خطة أو ننفذ بعض الخطوات من تقنية «إنجاز الأمور» لتكون جزءًا من روتيننا اليومي. لن يحدث ذلك إلا بالمداومة والاستمرارية، ووقتها سنتمكن من إدارة عملنا وحياتنا الشخصية وهواياتنا بكل سهولةٍ وراحة بال.
وللمساعدة على تنظيم يومكم يحتوي تطبيق «تهون» على محتوى صوتي أصلي ومتجدد باللهجة الخليجية للتعامل مع التحديات اليومية؛ مثل: التوتر، وصعوبات النوم، وقلة الإنتاجية. بالإضافة إلى الوصول إلى أهدافٍ طويلة المدى؛ مثل أن نستبدل بالعادات غير الصحية عاداتٍ صحية وأنماط تفكير إيجابية. يمكنكم تحميل التطبيق من متجر آب ستور أو جوجل بلاي ومتابعتنا على مواقع التواصل الاجتماعي.