في كثيرٍ من الأحيان نشعر بالرغبة في التوقف عن كل شيءٍ نفعله، أو بأننا لسنا في المكان المناسب، وكأننا فقدنا بوصلة حياتنا. وفي تلك الأوقات الصعبة قد لا نعرف ماهية مشاعرنا أو كيفية تشخيص مشكلاتنا؛ أيُعد ما نمر به مشكلة نفسية أم نحتاج إلى مساعدةٍ في إعادة ضبط أهدافنا وتطوير مهاراتنا لشحن طاقتنا مرةً أخرى؟ وهل نعرف -في تلك الحالات- من يمكنه مساعدتنا؟ هل نحتاج للعلاج النفسي أم نذهب إلى لايف كوتش؟ لذا نحن بحاجة إلى معرفة الفرق بينهما أولًا لتحديد الطريق الأنسب لمساعدة أنفسنا.
ما الفرق بين اللايف كوتش وتخصصات العلاج النفسي؟
يفزع كثيرون من «العلاج النفسي»، لكنه على عكس الاعتقاد الشائع ليس فقط وسيلة لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من الأمراض العقلية والصعوبات العاطفية، بل يساعد أيضًا في تطوير عادات صحية وأكثر فعالية، وعيش حياة أكثر سعادة وصحة وإنتاجية. وفي هذه المقالة نعرض كيف تساعدنا الاستشارة النفسية.
وعند الحديث عن متخصصي العلاج النفسي، نجد أنه قد يتداخل دور المعالجين النفسيين وعلماء النفس والأطباء النفسيين في المجالات التي يغطونها، ولكن هناك اختلافات بين كل مهنة وبين ما يمكنها تقديمه.
الطبيب النفسي هو الذي يتخرج في كلية الطب، ويدرس المسببات والتقييم والتشخيص والعلاج والوقاية من الاضطرابات العقلية والنفسية والسلوكية وحدها أو عندما تتداخل مع اضطرابات طبية أو جراحية أخرى.
المعالج النفسي هو مصطلح شامل يشير إلى الأطباء النفسيين وعلماء النفس والمستشارين والاختصاصيين النفسيين؛ الذين يتلقون تدريبًا خاصًّا ويحصلون على الشهادات العلمية والتراخيص التي تؤهلهم لممارسة العلاج النفسي.
يساعد المعالجون في استكشاف ومعالجة الأحداث من ماضي الأشخاص، وكيف يمكن للتجارب القديمة أن تشكل سلوكهم في الوقت الحاضر. وتتمحور العملية حول الشفاء وتحريك الناس نحو الصحة العقلية والعافية النفسية.
بينما الطبيب النفسي هو الوحيد الذي يمتلك الحق في العلاج بالأدوية النفسية، وفي الغالب يمارس معظم المعالجين أنواعًا مختلفة من العلاج مثل العلاج بالكلام؛ الذي يتضمن التحدث إلى معالج في بيئة آمنة وسرية؛ لاستكشاف حالاتنا المزاجية ومشاعرنا وأفكارنا وسلوكياتنا، ومعرفة كيفية السيطرة على حياتنا، وتحمل المواقف الصعبة من خلال تطوير مهارات التأقلم.
وفي ثمانينيات القرن العشرين، ظَهَر ما يعرف بالـ«لايف كوتش» أو مدرب الحياة، على يد المُخطِط المالي الأمريكي «توماس ليونارد». وعلى عكس الاستشارة أو العلاج النفسي يَفترض اللايف كوتشينج مستوى أساسيًّا من الصحة العقلية والنفسية للمتدرب، ويركز على الحاضر وعلى المشاركة في صنع المستقبل، كما أن «اللايف كوتش» لا يحتاج إلى ترخيص لمزاولة مهنته ولا تنظم عمله جهة حكومية.
يُعد لقاء اللايف كوتش مقابلة تحفيزية لمساعدة الشخص على تحديد أهدافه والوصول إليها، وعند ملاحظة مشكلات نفسية، من المفترض أن يُحيله إلى العلاج النفسي. إنه يعمل مع عملائه على تطوير إستراتيجية وخطة عمل تكتيكية لتحقيقِ الأهدافٍ المستقبلية؛ سواء أكانت شخصية أم مهنية، وتنفيذها من خلال مساعدتهم على التغلب على العقبات.
على الجانب الآخر، يعمل بعض المعالجين النفسيين كـ«لايف كوتش»؛ إذ يمتلكون المهارات الأساسية للايف كوتشينج، ويؤهلهم تدريبهم للقيام بذلك. في الوقت نفسه، لا يمكن أن يمارس اللايف كوتش العلاج النفسي، إلا إذا استكمل المتطلبات التعليمية والتدريبات والتراخيص اللازمة لذلك.
هل يحل اللايف كوتشينج محل العلاج النفسي؟
قد يذهب البعض إلى لايف كوتش لأنهم يرغبون في التواصل مع شخص يهتم لأمرهم ويشاركهم التفكير في مشكلاتهم وخططهم المستقبلية، أو لاعتقادهم أنَّ تعثرهم في مجالِ معين في حياتهم -مثل العلاقات الأسرية أو الاجتماعية- يحتاج فقط إلى لايف كوتش ليساعدهم في تنظيمه ووضع أهداف لتحسينه. في هذه الأحوال، إذا كان الشخص يعاني نفسيًّا فهو ليس في المكان الصحيح.
الاستشارية النفسية «عصمت حوسو» رئيسة مركز الجندر للاستشارات الاجتماعية بالأردن تحذِّر من لجوء كثيرين ممن يعانون من مشكلات نفسية للايف كوتش؛ على اعتبار أن الاستعانة بلايف كوتش لا يصاحبها الوصمة الاجتماعية التي ترتبط خطأً بالعلاج النفسي. وتضيف أن تأخر الأفراد في تلقي العلاج النفسي، قد يفاقم من حالاتهم ويؤذيهم على المدى الطويل.
كما أن المعالجين النفسيين لديهم القدرة على التعامل مع بعض الأمور الصعبة التي تتطلب تأهيلًا علميًّا وخبرة لا تتوفر لدى اللايف كوتش؛ حيث لا يحصل على التدريب أو التأهيل الكافي في دوراته التدريبية للتعامل مع أمورٍ كهذه، ومن ثم لا يستطيع التعامل -على سبيل المثال- مع علاقة الارتباط المرضي التي قد تنشأ بينه وبين المتدربين وخصوصًا المراهقين، وهو ما تكون عواقبه الاجتماعية والنفسية خطيرة. إذن كيف نحدد الخطوة الأولى لطلب المساعدة؟
متى نذهب إلى لايف كوتش أو نتلقى العلاج النفسي؟
مع أن اللايف كوتشينج والجلسات العلاجية يهدفان في النهاية إلى تعزيز العادات الصحية والعافية النفسية للناس، تبقى الاختلافات بينهما كثيرة؛ لذلك علينا أن ننتبه إلى الحالات التي تستدعي الذهاب إلى أحدهما؛ لنعرف ما يناسبنا منهما. إنه أمرٌ يشبه تجنب أخذ دواءٍ غير مناسب لحالتنا.
إذ تقترح جمعية علم النفس الأمريكية أن نطلب استشارة نفسية عندما تحدث مشكلةً ما تسبب لنا ضيقًا نفسيًّا، وتتعارض مع أحد جوانب حياتنا، خاصةً عندما:
- يستغرق التفكير في المشكلة أو التعامل معها ساعة على الأقل كل يوم.
- تسبب إحراجًا أو تجعلنا نرغب في تجنب الآخرين.
- تتسبب في انخفاض جودة حياتنا.
- تؤثر سلبًا في الدراسة أو العمل أو العلاقات.
كما يمكننا طلب الاستشارة أو العلاج النفسي في الحالات التالية:
- الرغبة في فهم سبب أفعالنا وأفكارنا ومشاعرنا.
- الشعور باليأس وكأنه لا يوجد مخرج.
- الشعور بالحزن أو الغضب طوال الوقت.
- عدم القدرة على الاهتمام بكل الأشياء التي كنا نستمتع بها.
- الإدمان بأنواعه؛ سواء مخدرات أم كحول أم طعام أم غير ذلك.
- خسارة أي شيء مهم بالنسبة إلينا؛ مثل: شخص أو وظيفة أو مال.
- التعرض للإيذاء الجسدي أو العقلي أو العاطفي.
- التعرض لصدمات كبيرة في الحياة.
- المعاناة من اضطراب في الشخصية.
- الشعور بحالة دائمة من التوتر والإرهاق.
كما يُعد اللايف كوتش خيارًا جيدًا إذا كنا:
- فقدنا شغفنا في الحياة ونحتاج إلى المساعدة في ترتيب أهدافنا.
- نشعر بعدم الرضا في العمل، ونرغب في تحسين الإنتاجية والتركيز والأداء في العمل.
- نريد تحسين إدارة الوقت وإدارة الإجهاد وتحديد الأولويات.
- نريد تحسين الثقة بالنفس والتعاطف مع الذات.
- لدينا مشكلات تتعلق بالعلاقات؛ مثل: الحب والطلاق والزواج وغير ذلك.
- نسعى لتوازنٍ أو تناغمٍ أفضل بين العمل والحياة الشخصية.
- نريد تحسين مهارات الاتصال والتعاون والعمل الجماعي.
- نرغب في تحسين مهارات اتخاذ القرار.
- نريد خلق عادات صحية.
كيف نحدد الخيار الأمثل؟ هونوها وتهون.
يجب أن نسأل أنفسنا لتحديد وجهتنا: «ما الذي نريد تحقيقه؟». كما يمكن للجمع بين اللايف كوتشينج والعلاج النفسي أن يساعدنا في استكشاف وحل صراعات الماضي، ثم التطلع نحو تحديد الأهداف والنتائج لتحسين حياتنا في المستقبل.
وأحيانًا تمثِّل الصراعات الداخلية أو المشكلات التي لم تحل عقبة في طريق تحقيق الفرد لأهدافه مع اللايف كوتش. لذلك إذا كنا بحاجةٍ إلى علاج نفسي، فغالبًا لن ينجح اللايف كوتشينج بدون تلقي العلاج أولًا. ولكن إذا لم نكن بحاجة إلى علاج، فيمكننا البدء في تلقي التدريب. ليس علينا إذن القيام بالأمرين معًا أو القيام بهما بترتيبٍ معين.
ولصحة نفسية أفضل، يحتوي تطبيق «تهون» على محتوى صوتي أصلي ومتجدد باللهجة الخليجية للتعامل مع التحديات اليومية؛ مثل: التوتر، وصعوبات النوم، وقلة الإنتاجية. بالإضافة إلى الوصول إلى أهدافٍ طويلة المدى؛ مثل أن نستبدل بالعادات غير الصحية عاداتٍ صحية وأنماط تفكير إيجابية. يمكنكم تحميل التطبيق من متجر آب ستور أو جوجل بلاي ومتابعتنا على مواقع التواصل الاجتماعي.